الدكتور أحمد الشناق يكتب....
هل لا يزال للفكر مكان في #عصر_التفاهة؟ وبعد أن أصبح الفضاء السياسي خيمة سيرك للتافهين !
يبدو التفكير اليوم غريبا في صحراء قاحلة لا ماء فيها وهو مهدد بالموت جوعا وعطشا ولا أحد من العابرين حوله يرغب في نجدته. لا أحد يريد أن يزعج نفسه بالتفكير فالتفكير يمثل مصدر ازعاج للجميع. الكل يتجنب التفكير مثلما يتجنبوا مرضا خبيثا. لقد قرروا وضع التفكير في الحجر الصحي خشية إصابة المجتمع بعدوى التفكير. فالتفكير كالفيلسوف يمثل تهديدا ليقين المجتمع الذي أسسه التافهون.
عندما نقول إن الإنسان مسؤول عن نفسه لا نعني أن الإنسان مسؤول عن وجوده الفردي فحسب بل هو بالحقيقة مسؤول عن جميع الناس.
وأنت تشاهد في كل يوم أي قناة تلفزية لا تجد متصدرا أمامك إلا أحد التافهين كمنشط أو محلل لا يفقه شيئا في المجال الذي يحلله ولكن المشهدية تحوله إلى اينشتاين عصره في ذلك المجال وتصبح كلماته قولا مقدسا لا يأتيه الخطأ من أي جهة قيل بها. بل أصبح هؤلاء يتصدرون السلطة فنجدهم في كل المجالس. إنهم مهرجي العصر الراهن. نجوم المجالس النيابية. لقد تحولت الفضاءات السياسية إلى خيمة سيرك كبيرة ينشطها التافهون. إنهم يزحفون كل يوم نحو المزيد من المواقع حتى أصبح الإنسان المفكر مهددا بالانقراض.. إننا بدأنا نعيش عصر انقراض التفكير.
لم يعد أحد يحلم بالمعرفة بل لو سألت أي طفل سيجيبك أن حلمه سيارة فاخرة وفتاة جميلة وبيت على البحر وحسابات بنكية فيها أموال لا تنتهي وليس مهم مصدرها فالمال مقدم على كل القيم والسلطة أيضا فهي حلم الجميع ولكن يريدونها سلطة بلا عقل ولكن بها كل المال. لم تعد السلطة تطلب لتقدم وازدهار المجتمع بل لتقدم وازدهار الذات. إن المصلحة الشخصية هي المحرك الحقيقي لطالبي السلطة. أما مصلحة المجتمع فلا تهم إلا بقدر تحقيقها للمصلحة الشخصية.
في النهاية إن التحرر من سيطرة التفاهة مسؤولية الجميع إذا ما أرادوا انقاذ الإنسان الأخير. فالمسؤولية عن انقاذ الذات هي في النهاية مسؤولية عن انقاذ الكل فعندما نقول إن الإنسان مسؤول عن نفسه لا نعني أن الإنسان مسؤول عن وجوده الفردي فحسب بل هو بالحقيقة مسؤول عن جميع الناس وكل البشر كما يقول( سارتر )
من كتاب #نظام_التفاهة للفيلسوف الكندي،آلان_دونو