موقف الحزب الوطني الدستوري من الحراك السياسي و الاصلاح القائم في البلاد

بسم الله الرحمن الرحيم

موقف الحزب الوطني الدستوري من الحراك السياسي و الاصلاح القائم في البلاد__

 

على ضوء الحراك الشعبي الأردني القائم على مختلف اتجاهاته, و الحزب الدستوري كجزء من الحراك نحو المطالب الاصلاحية ليؤكد موقفه الاّتي:

إن المرحلة التاريخية التي يمر بها الوطن و المنطقة العربية و ما تشهده من تطورات هائلة لتضع المنطقة على أعتاب تحول تاريخي ,و ما يترافق من تغيرات عميقة على النظام السياسي العربي و ما سينبثق عنه من أشكال سياسية جديدة للأنظمة العربية تتولد عنها أنماط جديدة من العلاقات العربية العربية و العربية الأقليمية و الدولية

,ليضع الأردن في مواجهة سياق تاريخي غير مسبوق و متطلبات لاستحقاقات داخلية و تحديات خارجية وفق استرتيجية أردنية في مواجهة مرحلة عدم الاستقرار كمرحلة انتقالية و مرحلة الاستقرار النهائي لشكل الاقليم و المنطقة مما يتطلب انهاء ترتيب الاستحقاق الداخلي للاصلاحات المنشودة في كافة جوانبها لتمكين الدولة من التفرغ و تحمل و مواجهة تحديات المرحلة , دولة بقاعدة شعبية سياسية بما يطمئنها على استراتيجيتها و خططها, ليؤكد الحزب الدستوري على أن محددات الاصلاح تتلخص وفق الاّتي :

 

1-    ضرورة انهاء الملف الاصلاحي في إطار زمني سريع .

2-    الثوابت الدستورية من أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي , ثابتين يقاتل الأردنيون دونهما بضراوة . فاستقرار مؤسسة الحكم و استعادة النظام النيابي لاركانه كممثل لارادة الشعب و مصدر للسلطات هي الأساس لتحقيق الاصلاح و تجاوز مرحلة من أخطر المراحل على الوطن .

3-    الحفاظ على الاصلاح المطلوب في الأردن بأن يبقى في إطاره الوطني المستقل بعيدا عن أي أجندة إقليمية أو تدخل دولي فالإصلاح أجندة أردنية و شأن وطني مستقل .

4-    إن إنجاز الإصلاحات الدستورية و التشريعية و الانتقال بالأردن إلى مرحلة جديدة كدولة ديمقراطية بما يحقق الاستحقاقات الداخلية , دولة قادرة على مواجهة التحديات الخارجية بكافة احتمالاتها و خاصة ما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية في مرحلة عدم الاستقرار العربي بتطوراته الراهنة .

5-    إن الإصلاح المطلوب في البلاد لا يتوقف عند إقرار التعديلات الدستورية و القوانين الناظمة للحياة السياسية فلا بد من استراتيجية وطنية أردنية واضحة و ترجمة فعلية لكافة التشريعات و إعادة تنظيم علاقة المجتمع بالدولة  في اطار دولة القانون و احترام الدستور الجديد و بمشاركة شعبية حقيقية ليتحول الحراك الشعبي و شعاراته من المطالبة إلى مفهوم المشاركة بما يهيئ لإعادة انتاجٍ سياسي للدولة الأردنية من إعادة بناء الدولة وفق اّليات حديثة و عصرية تتوائم مع المرحلة الجديدة .

6-    يرى الحزب بعد إقرار التعديلات الدستورية ضرورة تشكيل حكومة أقطاب وطنية سياسية  نظيفة تحوز احترام الرأي العام الأردني ببرنامج وطني شمولي , حكومة قادرة على إدامة الحوار الوطني مع كافة القوى و المكونات و في كافة مناطق المملكة , و يرى الحزب من ضرورة حتمية لحكومة وطنية انتقالية و حتى لا تبقى الاصلاحات التي يقوم بها الأردن مستنزفة من حكومة لها ما لها و عليها ما عليها من ملفات مستفزة للرأي العام الأردني أصبحت مدخلا لإفقاد الإصلاح و خطواته الجريئة ليكون رهينة لبقاء حكومة بقضاياها الشائكة , و عليه يرى الحزب بعد إقرار التعديلات الدستورية أن تنسب الحكومة بحل البرلمان و تقديم استقالتها لتتفرغ الحكومة الانتقالية لملف الاصلاح بعيدا عن كل الاتهامات و حتى لا يكون الاصلاح الدستوري التشريعي الذي يقوده جلالة الملك ضحية لحكومة و برلمان يفتقدان للثقة الشعبية .

7-    يعلن الحزب توافقه على التعديلات الدستورية و هي طالما عبرت عن  رؤيته الاصلاحية التي نادى بها عبر السنوات و يرى أنها تحققت في التعديلات الجوهرية على نصوص الدستور من ضرورة استعادة أركان النظام النيابي و البرلماني كسلطة فعلية معبرة عن إرادة الشعب و أن الأمة مصدر السلطات . و تفعيل المادة الأولى من الدستور من أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي و الذي ترجمته أن سلطة التشريع أي البرلمان تتقدم على سلطة التنفيذ أي الحكومة في مصدر السلطة . فالتعديلات التي تمت بإنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات هي ضمان لنزاهة الانتخابات و استعادة الثقة بها . و الحكومة التي تنسب بحل البرلمان تقدم استقالتها خلال أسبوع , نص دستوري ينهي اختطاف البرلمان من يد الحكومات و تغولها على سلطة الشعب و انهاء مرحلة البرلمانات الرهينة بيد الحكومات و نقل صلاحية الطعن بصحة النيابة الى القضاء و انشاء المحكمة الدستورية , و تقيد الحكومات بإصدار القوانين المؤقتة و تعيين القضاة من قبل المجلس القضائي فهذه التعديلات تمثل حركة دستورية تجديدية و ترسيخ لمبادئ أركان النظام البرلماني و التوازن  و الفصل بين السلطات . و هو تحول جرئ و شجاع و تاريخي في المسار الدستوري للدولة , و يضع الشعب الأردني أمام مرحلة جديدة .

8-    الحزب الدستوري و إذ يعلن موافقته على كافة التعديلات الدستورية و التي عبرت عن كافة السقوف و المطالب الاصلاحية للشعب ليطالب الحزب من ضرورة اجراء بعض التعديلات على التعديلات الدستورية المقترحة و قبل ذلك يوضح الحزب موقفه لبعض المطالب و مصطلحاتها و هي :

أ‌-       موقف الحزب من الحكومة المنتخبة : الحكومة المنتخبة مصطلح ليس له اساس في الدول التي أخذت بالنظام النيابي البرلماني و هو ما أخذ به الدستور الأردني , فهل الانتخاب للحكومة من الشعب مباشرة بحيث تتقدم مجموعة أشخاص كمجلس وزراء ينتخبهم الشعب ؟ , فهذا المصطلح ليس له اساس دستوري في كافة النظم السياسية في العالم , فلا توجد حكومة تنتخب من الشعب مباشرة و هو شعار كمصطلح سياسي ليس له معنى في الاصلاح المنشود .

ب‌-  حكومة منتخبة من البرلمان ايضا ليس له مكان في النظم السياسية بكل اشكالها على مستوى العالم .

ت‌-  حكومة برلمانية : و هي حكومة الأغلبية البرلمانية بتكليف زعيم الأغلبية الفائزة بالمقاعد أو حكومة إئتلاف أحزاب الفائزة بالمقاعد لتشكيل الأغلبية و تشكل الأقلية حكومة الظل كمعارضة و رقابة على أعمال حكومة الأغلبية . و هي من الأعراف و التقاليد للحكومات البرلمانية لتفوز بثقة مجلس النواب و هذا يتطلب :

1-    اعتماد النظام الحزبي كقناة وحيدة للعمل السياسي .

2-    اعتماد قانون انتخاب يكون الانتخاب فيه على اساس القوائم الحزبية فقط.

و هنا يكون تسائل : هل الشعب الأردني منظم في أحزاب و خياراته الانتخابية حزبية و حسب؟ و هل الهيكلية الحزبية القائمة تعبر عن توازن سياسي حزبي لافراز مفهوم الاغلبية و الاقلية بما يعبر عن اتجاهات الشعب الأردني و خياراته الحزبية ؟

و لكن لا يوجد في الدستور الأردني نص يمنع تكليف الاغلبية و قد تحقق ذلك بنص المادة (52) و للضرورة نصها :

( لرئيس الوزراء أو للوزير الذي يكون عضوا في أحد مجلسي الأعيان و النواب حق التصويت في مجلسه و حق الكلام في المجلسين , أما الوزراء الذين ليسوا من أعضاء أحد المجلسين فلهم أن يتكلموا فيهما دون أم يكون لهم حق التصويت . و الوزير الذي يتقاضى راتب الوزراة لا يتقاضى في الوقت نفسه مخصصات العضوية في اي من المجلسين )

و يرى الحزب هذا النص الواضح و الصريح يتحدث عن حكومة برلمانية و مرحليا لا داعي لنص دستوري بتكليف زعيم الأغلبية فهل النص الدستوري هو تكليف زعيم الأغلبية البرلمانية أم تكليف زعيم الأغلبية الحزبية البرلمانية ؟.

و هل الحزبية الأردنية في وضع يمكنها من الفوز بكافة المقاعد البرلمانية لتشكيل الأغلبية و الأقلية؟ و اذا لم يحصل توافق برلماني لتشكيل كتلة أغلبية برلمانية ,فكيف سيكون موقف راس الدولة في حال عدم توافق اعضاء البرلمان لتشكيل كتلة أغلبية برلمانية و بوجود نص دستوري بتكليف الأغلبية و هي غير موجودة !!.

و لذا يرى الحزب أنه حتى في حال تشكلت كتلة أغلبية برلمانية فانص الدستوري بالمادة(52)  لا يمنع بل يتحدث عن وضع الرئيس و الوزراء داخل البرلمان كنواب و ايضا بامكان الاغلبية عدم  منح الثقة للحكومة المكونه من خارج البرلمان فتكون حكما هي الحكومة البرلمانية .

أما أمر تعيين الحكومة و تكليفها بأن تبقى بيد الملك راس الدولة فهو مبدأ دستوري للنظام النيابي لأنه تعبير عن حالة التوازن بين السلطات . و لا تعارض مع مبدأ الأمة مصدر السلطات , فالحكومة الأصل فيها أنها تعمل وفق ارادة البرلمان (ارادة الشعب ) عند منحها الثقة و ارادة الشعب مصانة اذا خرجت عن ذلك بسحب الثقة منها و اسقاطها .

و عندما نقول الشعب مصدر السلطات , فهل الشعب هو الذي يمارس السلطة القضائية مثلا؟ فالسلطة القضائية و القضاة لا سلطات عليهم في قضائهم لغير القانون و القانون تعبير عن الارادة الشعبية التي يمثلها البرلمان كسلطة تشريعية و لذا فالأمة مصدر السلطات و لكن البرلمان لا يمارس سلطة القضاء , فالمهم أن يكون في البلاد برلمان بكافة اركانه ليستطيع ممارسة دوره. و في هذا الشأن موقف الحزب نابع من فهمه لطبيعة النظم السياسية و المبادئ الدستورية التي تحكم العلاقة بين السلطات لادارة شؤون الدولة و رؤية الحزب أن لا يتم القياس على برلمانات المرحلة الأخيرة من برلمانات الديكور و التمرير , برلمانات اختطفتها الحكومات لنرى برلمانات لا تمثل الارادة الشعبية الحقيقية .

و لهذا يؤمن الحزب أن مرحلة ما بعد التعديلات الدستورية و التشريعية لقانون الانتخاب و الأحزاب لا بد أن تكون مرحلة التحول الديمقراطي و بمشاركة شعبية شاملة و خطاب و رسالة دولة واضحة تؤسس لمرحلة دولة المجتمع المدني و التعددية و الانخراط الشعبي الفعلي و اعتبارها مشروعا وطنيا لمستقبل الأردن .

و يرى الحزب أن التعديلات المقترحة مع بعض التعديل عليها هي حركة دستورية تجديدية للانتقال بالوطن من دستور الملك طلال 52 الى الدستور العبدلي 2011 للعهد الهاشمي الرابع , مسيرة التحدي و الكفاح, نهج اردني هاشمي ليبقى هذا الوطن لنا و نبقى له أمانة تحملها الاعناق الى يوم الدين .

 

 

    موقف الحزب من التعديلات الدستورية المقترحة :

-         المادة (56) التعديل الدستوري الجديد من أن محاكمة الوزراء أمام القضاء بعد صدور قرار من الأغلبية المطلقة لمجلس النواب .

      اقتراح الحزب : بعد صدور قرار عشرة نواب من مجلس النواب و نلاحظ  انه في المادة (54) يتطلب عقد جلسة لطرح الثقة بالوزارة 10 نواب , بينما اتهام الوزير في التعديل الجديد يتطلب أغلبية مجلس النواب مما يضع موقع الوزير في حصانة لا يمكن تحويله بسببها الى القضاء, في حين ان الأصل أن تكون محاكمة الوزير امام القضاء دون قرار من مجلس النواب ترسيخا لمبدأ الفصل بين السلطات و الذي أخذ به التعديل الدستوري الجديد بوضوح و جلاء .

-         المادة ( 58)  النص الدستوري لمدة تعيين أعضاء المحكمة الدستورية 4 سنوات , اقتراح الحزب:  عشر سنوات

 

-         المادة (60) حدد النص الهيئات التي لها حق الطعن في دستورية القوانين ,

 

 اقتراح الحزب : اضافة الاحزاب الى الهيئات و ذلك باعتبارها مؤسسات وطنية في هيكل الدولة السياسي و لتعزيز دورها البرامجي و الرقابي في الوطن و تعزيزا لدورها بنص دستوري على اعتبار أنها شريك في السلطة السياسية .

 

-         المادة ( 67) فقرة * 1 * و التي جاء فيها انشاء هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات

اقتراح الحزب : تنشأ بقانون هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات و تحدد صلاحياتها و مرجعيتها و كيفية تعيين هيئتها ,و النص بوضعه الحالي لا قيمة له و هو الاساس لضمانة نزاهة الانتخابات و حيادية الحكومة و التدخل بها .

 

-         المادة (74) إذا حل مجلس النواب لسبب ما فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه

    اقتراح الحزب : لا بد من بيان سبب الحل حتى يستقيم النص الدستوري من انه لا يجوز حل المجلس للسبب نفسه .

-         المادة (110) تشكل بقانون محكمة أمن الدولة و يقتصر اختصاصها على جرائم الخيانة العظمى و التجسس و الإرهاب .

     اقتراح الحزب: من حيث الاصل يطالب الحزب بالغائها و في حالة الابقاء عليها يقترح الحزب حذف قضايا الارهاب كمصطلح غير واضح و محدد في اطار قانوني و اضافة قضايا المخدرات و تزييف العملة الى اختصاصها .

-         إضافة مادة غلى الفصل السابع من الدستور في الشؤون المالية :

في حال حصول الدولة على قروض خارجية لا بد من موافقة مجلس النواب .

-         موقف الحزب من المطالبة بانتخاب مجلس الاعيان : يرى الحزب ان هذا الاقتراح يمكن أن يكون في مراحل لاحقة و حاليا يقترح الحزب :

تقليص عدد الأعيان الى 40 عضوا بتعديل المادة (63) لتصبح : يتألف مجلس الأعيان بما فيه الرئيس من عدد لا يتجاوز ثلث عدد مجلس  النواب بدلا من نصف عدد مجلس النواب المعمول به حاليا .و ذلك لازالة المأخذ بأنه في حال اجتماع االمجلسين تتطلب حالات دستورية أغلبية الثلثين لمجلس الأمة و في هذا الحال يصبح مجلس الأعيان بحكم العدد معطلا لعمل مجلس النواب المنتخب و الممثل للارادة الشعبية وبالتالي لتمكين الأغلبية من المنتخبين عند اجتماع المجلسين يقترح الحزب أن يصبح العدد 40 عضوا لمجلس الاعيان .

على ضوء ذلك يرى الحزب الدستوري أن حيثيات النظام البرلماني قد تحققت في الدستور العبدلي الجديد , هذه الحيثيات التي تقوم على :

1-    برلمان منتخب .

2-    ملك غير مسؤول ( الملك معفى من كل تبعة و مسؤولية و أوامره الخطية أو الشفوية لا تعفي الوزراء من مسؤلياتهم, و الوزارة مسؤولة مسؤولية تضامنية أمام البرلمان ).

3-    وزارة مسؤولة أمام برلمان.

4-    استقلال القضاء .

 

-         أما موقف الحزب من المطالب بإلغاء النص الدستوري بحل البرلمان من قبل الملك : إن هذا ينافي طبيعة النظام البرلماني الذي أخذ بد الدستور الأردني شأنه شأن الديمقراطيات العالمية لأن اقالة الحكومة و حل البرلمان أن تبقى بيد الملك لهما أهمية كبرى للمعنى الدستوري و مفهوم التوازن بين السلطات و عندئذٍ يكون الملك فيهما حَكماً لا حاكماً للفصل في الخلاف بين الاتجاهات و الأحزاب و الرأي العام المتمثلة في سلطة البرلمان من جهة و السياسات التي تنتهجها الحكومة  من جهة أخرى فيكون الملك حكما بين السلطات باقالة الحكومة و حل البرلمان للعودة الى الشعب مصدر السلطة و هذا الحق الدستوري للملك ياتي تفسيرا للنص الدستوري أن الحكومة التي تنسب بحل البرلمان تقدم استقالتها لاجراء انتخابات جديدة و لا يحق حل البرلمان للسب نفسه للذي حل من اجله البرلمان لان الشعب يكون قد حسم بالانتخابات موقفه من السلطتين و لذا يؤكد الحزب ان تعيين الوزارة و عزلها و حل البرلمان هي صلاحيات يجب أن تبقى بيد الملك رمز الدولة و رأسها .

 

 

                                                                                   الدكتور احمد الشناق            

                                                أمين عام الحزب الوطني الدستوري   

                                                         عمان    26-08-2011